روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات أسرية | أمي تريدني أطلق زوجتي الطيبة.. ما العمل؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > بنك الاستشارات > استشارات أسرية > أمي تريدني أطلق زوجتي الطيبة.. ما العمل؟


  أمي تريدني أطلق زوجتي الطيبة.. ما العمل؟
     عدد مرات المشاهدة: 3577        عدد مرات الإرسال: 0

السؤال:

 

أمي ترفضني رفضا قاطعا برغم أني وحيدها، والمشكلة بدأت حين تزوجت فقد بدأت الغيرة ضد زوجتي حيث كانت أخواتي يحاولن إغراء زوجتي بلبس ما يخالف تعاليم الإسلام والخروج عن طوعي ولكني كنت قادرا على منع زوجتي التي كانت صريحة معي وعندما بدأت بمناصحة أخواتي بدأت الشرارة الأولى التي اشتعلت وتطورت المسألة حين توفي والدي وبدأت والدتي تطالبني بالخروج بزوجتي وبنتاي من المنزل لعدم رغبتها بالعيش مع زوجتي في منزل واحد وحيث إن أمي شخصيتها شديدة جدا فحتى والداها وخالي لم يتجرءا على مواجهتها والأمر الآخر هو منعي من زيارتها وعدم استقبالها لي وإغلاق الأبواب بوجهي وقد وصلت بها الحال للتلميح بأن مشكلتي سيتم حلها إذا طلقت زوجتي أم بناتي وهذا ما جعل المشكلة تتطور أكثر من السابق حيث تريد مني أن أكون سلبيا تماما أمامها وأمام أخواتي لأني كنت الأقوى شخصية في المنزل والآن أنا في منزل مستأجر ولا أزور أمي وأخواتي بسبب امتناعهم عن مقابلتي أو حتى الرد على مكالماتي!!

الجواب:

الأصل في الزواج السكن وتكوين الأسرة واستقرار المجتمع، والطلاق من أهم الأسباب التي تعرض الأسر والأبناء للضياع والانحلال في كثير من الأحيان.

ومن الظلم أن يطلق الرجل زوجته إذا كانت صالحة مصلحة مطيعة ومستقيمة، لمجرد أن والدته لا تحبها أو ليست على هواها، فهذا الأمر فيه ظلم لزوجتك تريد أن تفرضه عليك والدتك وإخوتك!! وقد قال صلى الله عليه وسلم: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما»، ونصرته وهو ظالم بأن تمنعه من الظلم، فما بالك بوالدتك!! لابد أن يكون لها الحق عليك قبل أي أحد في نصرتها.

ولكن ينبغي عليك أن تترفق بها وأن لا ترفض طلبها للطلاق بعنف وقوة وشدة لكي لا تقع في العقوق لقوله تعالى: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}.

وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن مطالبة الوالدة من ابنها طلاق زوجته دون سبب أو عيب في دينها بل لحاجة شخصية فأجابت اللجنة بأن الرجل لا يلزمه طلاق زوجته طاعة لأمه، لما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إنما الطاعة في المعروف». والله أعلم.

أخي الفاضل لا أنصحك بطلاق زوجتك إن كانت امرأة صالحة، ولكن اجتهد في تقريب وجهات النظر بينك وبينها وبين أمك وأخواتك قدر الإمكان، فإن لم تستطع لا تبتئس ولا تعلن الحرب أبدا عليهن، ولا تنعتهن أنت أو زوجتك بسوء الخلق، بل على العكس حاول أن تتعرف على مفاتيحهن التي يمكنك من خلالها التعامل معهن جميعا، فهن جبهة لا يستهان بها.

تذكر أن حسن الخلق من أهم مقومات اكتساب الآخرين، والكلمة الطيبة والمعاملة الحسنه تعمل عمل السحر، فتسلح بهذا السلاح لتكسب قلب والدتك وأخواتك لك ولزوجتك.

تسلح بالهدوء دوما في معالجة الأمور الخاصة بوالدتك وأخواتك، كن هادئا في تعاملك معهن خاصة عند نوبات غضبهن، وتذكر أن الهدوء يطفئ الغضب كما يطفئ الماء النار، وحذار من الهدوء الزائد الذي يشعر الآخرين بازدرائك لهم، فذلك يزكي نار الغضب، وتذكر أن العنف لا يولد إلا العنف.

تذكر أن تقوى الله تفتح للإنسان الأبواب المغلقة، فاتق الله فيهن وتأكد أنهن ضعيفات مسكينات مهما بدا لك العكس، فعاملهن بالحسنى وبتقوى الله.

عليك أن تتماسك وتمسك بزمام الأمور حتى تتجاوز هذه المشكلة ولا تلقي بأسرتك الصغيرة إلى التهلكة دون سبب، وتأكد أن هذه العاصفة الشديدة التي تمر بها لابد أن تهدأ يوما..

وأن النار مهما اشتعلت لابد أن تهدأ وتنطفئ إذا لم تجد ما يزكيها. والوقت كاف لذلك.

عليك أن تناقش زوجتك في الأمر خاصة أنها صريحة معك في كل شيء..

لا تحاول أن توغر صدرها على والدتك أو أخواتك بل على العكس أكد لها أن ما يحدث الآن نابع من عدم استقرارهن النفسي والغيرة وسوء فهمهن لها وخوفهن من المستقبل بعد وفاة والدك وأخوك.

أكد لزوجتك انك تحبها وتقدرها وتريدها ولست على استعداد أن تستغني عنها، وإنك تحاول أن تحل المشكلة لكي لا يزداد الأمر سوء ويظهر في المستقبل ما ليس في الحسبان ويقع المحذور رغما عنك.

تفاهم مع زوجتك واطلب منها أن تساندك في الدفاع عن أسرتها الصغيرة، بكل ما أوتيت من صبر وحكمة، وأحطها بالحب والحنان وكن بارا بأهلها لتتمكن من مساندتك في مهمتك وهي راضية، وبين لها أن واجبكما يقتضي أن تتعاملا سويا في هذا الأمر بمنتهى الحكمة حتى تمر هذه الأزمة بخير، وافعلا ذلك وأنتما ترجوان عظيم ثواب الله في الدنيا والآخرة.

اطلب من زوجتك أن تحسن معاملتها وتستمر في أداء واجبها نحوها، ولو بإرسال الرسائل عن طريق الجوال وإرسال الهدايا أو السلام، وأن تذكرها بالخير عند قريباتها خاصة من لهم علاقة بها، وتذكر محبتها وشوقها لها ولأخواتك، وأنها تعتبرهن مثل أسرتها، وتأكد أن هذا الحديث لابد أن يصل إلى والدتك وأخوتك ولو بعد حين، عندها ستعاد الحسابات مرة أخرى وسيتبدل الحال إلى حال آخر وسيهدأ البركان الثائر..

ولكن المسألة تحتاج إلى حكمة ووقت وصبر وهدوء.

عليك أن تتغاضى أنت وزوجتك عن المواقف والعبارات التي تصدر منهن سواء بقصد أو بدون قصد، واطلب من زوجتك أن تتحلى بالصبر وألا تتورط بأي تعليق أو كلمة أو أي ردود قاسية تسيء إلى والدتك ولو من ورائها، واحتسبا كل ذلك لله.

تحلَّ بالصبر أنت وزوجتك لتنالا أعلى الدرجات في الدنيا قبل الآخرة وتذكر قوله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}.

عليك أن تجاهد نفسك، وتبر بوالدتك مهما فعلت بك، فعليك أن تبرها أنت وبناتك، وليكن برك لوجه الله ولا تنتظر منها الرد في الدنيا.

واحرص أن تكون قدوة صالحة لبناتك، وتذكر أنك إذا تخليت عن والدتك سيتخلى عنك أبنائك في المستقبل «بروا آباءكم تبركم أبناؤكم».

عليك أن تضع رضا ربك نصب عينيك، وأن تتحمل نفور والدتك منك ومن زوجتك، وادفع بالتي هي أحسن، وأخلص النية لله عز وجل واستعن بالله وستتمكن بإذن الله من كسب رضاها ولو بعد حين.

حاول أن تتحدث معها أو ترسل من يتحدث معها ممن تقدرهم والدتك وتثق بآرائهم، ذكرها بأن الظلم ظلمات يوم القيامة! وإن زوجتك لم ترتكب خطأ يحتم عليك طلاقها.

وإن طلاقها قد يكون سببا في ضياع بناتك ومستقبلهم واستقرارهم العاطفي والنفسي.

يجب أن توقن والدتك أنها هي التي تتصدر المنزلة الأولى في حياتك، وإن زوجتك وأولادك يأتون في المرتبة الثانية ومع ذلك فأنت لن تقدم على طلاق زوجتك دون ذنب أو جريمة منها، وإن إصرارك على عدم طلاق زوجتك ليس لأنك تفضلها على والدتك وإخوتك، ولكنه نابع من تحرجك من ظلمها وخوفك على مستقبل بناتك فكما تدين تدان.

ذكرها ببناتها وكيف سيكون حالها هي أو هن لو انقلبت الكراسي فكن هن الضحية.

عليك إرضاء والدتك بكل الطرق الممكنة، ولا يشترط أن يكون البر بالسكن مع والدتك، لكن البر هو أن تفعل كل ما يرضيها ويسعدها، فلا تبخل عليها بجهد أو مال.

وقد يكون في سكنك خارج المنزل مصلحة لك، ودرأ للعديد من المشاكل المستقبلية.

لا تنقطع عن زيارة والدتك مهما رفضت دخولك المنزل أو رؤيتك.

حاول أن تلبي طلباتها واحتياجاتها.

ويمكنك مواصلتها عن طريق الهاتف، أو رسائل الجوال واستمر في زيارتها بين الحين والحين حتى وإن رفضت مقابلتك، شرط أن تحتسب كل ما يصيبك من والدتك من سب أو شتم أو تجاهل لوجهه تعالى.

لا تبتئس من تجاهل والدتك لك، فهي في نهاية المطاف أمك ولا تريد إلا سعادتك ومصلحتك وستصفى لك مستقبلا بإذن الله شرط أن ترى حرصك عليها واجتهادك في برها.

كلما زاد عنف والدتك معك عليك أن تزداد رفقا ولينا بها وحنانا عليها وإحسانا لها، ولا تسمح لنفسك أبدا أن تقسو عليها أو تعنفها واجعل قوله تعالى نصب عينيك: {وبالوالدين إحسانا}.

تذكر أن أعلى درجات ومراتب الإحسان أن تبر بوالديك فيقابلون برك وإحسانك لهما بالجحود والنكران ومع ذلك تستمر في برك لهما لا لغرض دنيوي، ولكن لرغبتك في الأجر والثواب من الله، واجر ذلك عظيم جدا.

لابد أن تعرف ما هي الدوافع وراء مخاوف والدتك وطلبها لطلاق زوجتك، وتحاول أن تزيل مخاوفها بالقول والعمل.

يمكنك أن تناقش المشكلة مع أحد المحيطين بك من أفراد الأسرة الذي تثق بهم، فقد تخفى عليك بعض الأمور التي لا تمكنك من الحكم الصائب، وقد تكتشف الأسباب الحقيقية خلف هذا النفور، فيسهل عليك العلاج.

استعن بالله وتوكل عليه حق التوكل واجتهد بالدعاء..

أدعو الله لوالدتك بالتوفيق والهداية والاستقامة وصلاح البال والحال، فهي أحق الناس بدعائك وإحسانك، وتذكر انك مهما تحملت من مشقة في برها ومهما قدمت لها من معروف فلن توفيها حقها أو تجزيها على معروفها وسابق إحسانها لك. وأدعو الله سبحانه أن يربط على قلب والدتك وأخوتك ويسخرهن لك وأسرتك الصغيرة.

الكاتب: د. سلوى البهكلي.

المصدر: موقع المسلم.